وامّا الدليل الثاني فلا ريب في انّه بعد الضميمة يصير الدليل الثالث ، إذ ليس الملحوظ فيه إلاّ أن يثبت علمه ـ تعالى ـ بذاته بأيّ وجه كان ، ثمّ يثبت علمه بجميع الاشياء لاستنادها إليه ، وليس الدليل الثاني بعد الضم الاّ هذا ؛ فجعلهما دليلين مسامحة.
وبذلك يظهر ما في كلام المحقّق ، لأنّه إن جعل قوله : « الإحكام والتجرّد واستناد » ثلاثة أدلّة لاثبات أصل العلم مع الحكم بكون الثالث عامّا ـ أي : انّه مع افادته لأصل العلم يفيد شمول العلم أيضا ـ. ففيه : انّ الثالث لا يصلح دليلا فضلا عن كونه عامّا ما لم ينضمّ الثاني ، فيكون في كلامه خزازة.
على انّه مع منظورية الانضمام لا وجه لتخصيصه بالعمومية.
ولو حمل قوله : « والأخير عامّ » على أنّ الثالث / ١٢٨ DA / دالّ على شمول العلم لا على أصله ـ يعنى : انّ من الدليلين الأوّلين أثبت أصل العلم في الجملة وهذا الثالث انّما هو لاثبات عمومه لا أصله وإن احتاج إلى ضميمة ـ ،
ففيه : انّه صرف عن المتبادر ، لأنّ ظاهر كلامه انّ كلّ واحد منها يفيد أصل العلم ، لا انّ اثنين منها يفيدان أصل العلم وواحد منها يفيد شموله مع انّ تخصيص الأخير بالشمول مع الضميمة دون الأوّلين أو الثاني ـ نظرا إلى أنّ الأوّل لا يفيد الشمول مع الضميمة أيضا ـ تحكّم باطل!. قال بعض الافاضل فى شرح كلام المحقّق : « انّ التجرّد لاثبات علمه ـ تعالى ـ بذاته ، والإحكام والاستناد لاثبات علمه مطلقا بما سواه ، ويحصل بانضمام الدليل المثبت لعلمه بذاته إلى كلّ واحد من الدليلين المثبتين لعلمه بما سواه دليلان لاثبات علمه مطلقا ـ أعنى : بذاته وبما سواه جميعا ـ. وكانّه بهذه النكتة أورد الدليل المثبت لعلمه بذاته بين الدليلين الآخرين.
ثمّ قال : وتركيب الدليلين دالّ على علمه ـ تعالى ـ مطلقا ، فتقريرهما أن يقال : انّه ـ تعالى ـ مجرّد وفاعل الافعال المتقنة المحكمة ، وكلّما هو كذلك فهو عالم بذاته وبأفعاله ـ لما مرّ ـ ؛ أو يقال انّه ـ تعالى ـ مجرّد وقائم بذاته وموجود بالذات وكلّ شيء موجود وحاضر عنده ـ لكونه معلولا له ـ ، وكلّ ما هو كذلك فهو عالم بذاته وبما سواه ـ لما عرفته ـ.
ثمّ قال : ويمكن أن يجعل كلّ واحد من هذه الدلائل إشارة إلى الدليل لعلمه بذاته و