وأورد عليه : بأنّا لا نسلّم انّه يلزم من كون الأشياء معلولة له كونها موجودة له حاضرة عنده منكشفة لديه ، لا بدّ له من دليل!. ووجوب كون العلّة موجودة مع المعلول لا يفيد ذلك ـ كما لا يخفى ـ ؛ كيف والنار علّة للحرارة ولا علم لها أصلا!. ولو سلّم فانّما نسلّم في افعاله ، وامّا في أفعال مخلوقاته فلا نسلّم!.
ثمّ لا يخفى انّه على تقدير تماميّته انّما يدلّ على عموم علمه بالنسبة إلى جميع ما سواه ، ولا يدلّ على علمه ـ تعالى ـ بذاته أيضا مع انّ ظاهر قوله : « والأخير عامّ » انّه دالّ على علمه بذاته وبجميع ما سواه ؛ انتهى.
ومراده انّ مجرّد كون الأشياء معلولة له ـ تعالى ـ لا يصحّح كونه عالما بها ما لم ينضمّ إليه كونه مجرّدا قائما بذاته ، لما تقدّم من أنّ المصحّح للعاقلية انّما هو التجرّد دون المادّية ، والموجب له بالفعل المصحّح المذكور مع إحدى العلاقات. والعلّية والمعلولية وإن كانت من العلاقات ـ لما ذكره المحقّق من أنّ حصول المعلول للعلّة اشدّ من حصول الصورة له ـ إلاّ انّه إذا لم ينضمّ إليه كونه ـ تعالى ـ مجرّدا لا يكون مفيدا. وكذا / ١٢٨ DB / بدون الانضمام المذكور لا يثبت منه علمه ـ تعالى ـ بذاته ، ومع الانضمام لا يكون الدليل الثالث مستقلاّ في اثبات عموم علمه ـ تعالى ـ بحيث لا يحتاج إلى ضميمة.
ويمكن أن يوجّه كلام الفاضل المذكور بأنّ غرضه انّه إذا كان جميع الأشياء مستندا إليه ـ تعالى ـ ولم يكن هو مستند إلى شيء ولا متعلّقا بشيء ولا موجودا لشيء من الأشياء بل كان موجودا قائما بذاته لكان مجرّدا ، لأنّ غير المجرّد يكون متعلّقا بشيء وموجودا بشيء آخر مستندا إلى غيره ، ومجرّد استناد الأشياء إليه ـ تعالى ـ وعدم استناده إلى شيء يتضمّن تجرّده ـ تعالى ـ وتحقّق علاقة بينه وبين الأشياء ، فيحصل الموجب للتعقّل بالفعل من غير احتياج إلى ضميمة أصلا.
ثمّ لا يخفى انّه على أيّ تقدير ـ أي : سواء قلنا انّ دليل الاستناد مستقلّ في اثبات عموم علمه تعالى أو لا ـ لا ريب في أنّ اثبات عموم علمه ـ تعالى ـ من دليل التجرّد ومن دليل الاستناد يتوقف على اثبات المقدّمة القائلة بأنّ العلم بالعلّة يوجب العلم بالمعلول إلى آخر المقدّمة القائلة بأنّ الفاعل العالم بذاته عالم بما يصدر عنه والفرق بين