بأن يتحقّق أمر كلّي مشترك بين كثيرين يكون معلولا لهذه العلّة وهذا الكلّي في ضمن أيّ فرد وجد يكون معلولا لهذه العلّة من دون مدخلية خصوصية هذا الفرد.
ثمّ التحقيق انّ علّة الشيء بخصوصه لا يكون الاّ أمر معين خاصّ ولا يمكن أن يكون علّته أمرا كلّيا مشتركا بين كثيرين. ولو سلّم كون الكلّي علّة ـ مع كونه خلاف التحقيق ـ فلا يكون إلاّ علّة لكلّي أيضا. وكذا معلول الشيء المعيّن الخاصّ لا يكون إلاّ أمرا معينا خاصّا. فكما انّ / ١٣٣ MA / العلّة الواحدة المعينة لا يمكن أن يصدر عنها معلولات متعدّدة مختلفة إلاّ مع اختلاف جهات في هذه العلّة ـ لوجوب المناسبة والتكافؤ بين العلّة والمعلول ـ فكذا المعلول الواحد المعيّن لا يمكن أن يصدر عن علل متعدّدة الاّ مع اختلاف جهات في هذا المعلول ـ لما ذكر ـ. وحينئذ لا فرق بين العلم بالعلّة والعلم بالمعلول في استلزام كلّ منهما للآخر وعدمه ، لانّه إذا علم العلّة بكنهها أو بالحيثية الّتي يصدر عنها المعلول وكانت العلّة واحدة بسيطة نقول : هذه العلّة لبساطتها ووحدتها لا يصدر عنها الاّ معلول واحد ؛ ثمّ نقول : لمّا علم كنه تلك العلّة وحقيقتها فيعلم أنّها تناسب معلولا بخصوصية كذا وإن لم تكن واحدة بسيطة ، بل اشتملت على مهيات مختلفة. فنقول : بكلّ جهة تناسب معلولا بخصوصية كذا وان لم يعلم تلك الجهات بكنهها فلا يحصل علم بخصوصيات معلولاتها أصلا.
وكذا إذا علم المعلول بكنهه أو بالحيثية الّتي تصدر عن العلّة وكان واحدا بسيطا نقول : هذا المعلول لبساطته ووحدته لا يصدر إلاّ عن علّة واحدة بسيطة. ثمّ نقول : لمّا علمنا كنه هذا المعلول فيعلم منه العلّة الّتي يناسبه ، فيعلم منه خصوصية العلّة وان لم يكن واحدا بسيطا بل كان مشتملا على جهات مختلفة ، فان علمنا تلك الجهات بكنهها فنعلم من كلّ جهة ما يناسبه من العلّة ، فنعرف علّتها بخصوصها ؛ وإن لم نعلم تلك الجهات / ١٢٩ DB / بكنهها فلا يحصل لنا علم بخصوصيات عللها. فقد ظهر انّه لا فرق بين العلم بالعلّة والعلم بالمعلول إذا فرض حصول العلم بالكنه أو بالحيثية الّتي ينشأ منها المعلول في استلزام كلّ منهما للآخر وعدمه.
وبما ذكرنا يظهر ما في كلام بعض الأعاظم حيث قال : « كلما علم علّته التامّة