الإنسان موجود مكرَّم
ومن جانب آخر تحاول العقيدة إشعار الإنسان ـ على الدَّوام ـ بأنّه موجود مكرَّم ، له موقعه المهمّ في هذا الكون ، من خلال وظيفة الاستخلاف فيه وما عليه إلاّ أن يقوم بأداء وظيفة الاستخلاف هذه على أحسن وجه ، وأن يشكر خالقه على هذا التكريم والتمكين والهداية إلى الدين الحق.
سأل رجلٌ أمير المؤمنين عليهالسلام عن حبه للقاء اللّه تعالى ، فقال : بماذا أحببت لقاءه؟ قال عليهالسلام : « لمَّا رأيته قد اختار لي دين ملائكته ورسله وأنبيائه ، علمت أنَّ الذي أكرمني بهذا ليس ينساني ، فأحببت لقاءه » (١).
معالم التحرير
ولقد أسهمت العقيدة إسهاما فعالاً في تحرير الإنسان على محاور عدّة ، منها : ـ
أولاً : ـ حرَّرت الإنسان من الاستبداد السياسي ، فليس في الإسلام استبداد إنسان بآخر ، أو تسخير طبقة أو قومية لاُخرى (فقد كان الدين ، على امتداد التأريخ الإسلامي ، من أبرز العوامل لظهور حركات التحرر. ومهما تكن نظرة الباحث تجاه الدين فلا يستطيع إبعاد العامل الديني وأثره في بناء الوعي الثوري خلال هذه الفترة من تأريخ الاسلام.
فلم تكن ثورة أبي ذر رحمهالله وثورة الحسين عليهالسلام إلاّ منطلقا لاتّجاه واعٍ لتصحيح الانحراف في تأريخ الإسلام. ورغم كل الانحراف الذي تعرض
__________________
(١) كتاب الخصال : ٣٣ باب الاثنين ـ منشورات جماعة المدرسين ـ قم.