والمعرفة.
إمعن النظر في هذه المقارنة البديعة التي يعقدها الإمام علي عليهالسلام لكميل بن زياد النخعي حول تفضيل العلم على المال ، قال عليهالسلام : « يا كُميل العلمُ خيرٌ من المال ، العلمُ يَحرُسك وأنت تحرسُ المال ، والمالُ تنقُصُهُ النفقة والعلم يزكو على الانفاق ، وصنيعُ المال يزول بزواله.
يا كميل بن زياد ، معرفةُ العلم دينٌ يُدانُ به ، به يكسبُ الإنسانُ الطاعة في حياته ، وجميل الأُحدوثة بعد وفاته ، والعلم حاكمٌ ، والمالُ محكوم عليه.
يا كميل ، هلك خُزَّانُ الاموال وهُمْ أحياء ، والعلماءُ باقون ما بقي الدهر ، أعيانهم مفقودة ، وأمثالهم في القلوب موجودة » (١).
ونتيجة لهذا الزاد المعرفي الغني ، انطلق الإنسان المسلم من أسر الجهل والتخلف إلى آفاق العلم الواسعة ، فأخذ يتأمل الظواهر الكونية ، ويكتشف أسرار الطبيعة ، من خلال المنهج التجريبي الذي وجهته عقيدته إليه ، وهو المنهج الذي قام عليه العلم الحديث.
يقول : (جِب) في كتابه : الاتجاهات الحديثة في الإسلام : « أعتقد أنّه من المتفق عليه أنّ الملاحظة التفصيلية الدقيقة التي قام بها الباحثون المسلمون ، قد ساعدت على تقدّم المعرفة العلمية مساعدة مادية ملموسة ، وأنّه عن طريق هذه الملاحظات وصل المنهج التجريبي إلى
__________________
(١) نهج البلاغة : ٤٩٦ / حكم ١٤٧.