ومن جملة تلك الشواهد ، نجد أنّ العقيدة تكشف طبيعة الدنيا وعاقبة من ينخدع بها أو يركن اليها ، وتبين قصور رؤية من ينشد الراحة التامة فيها ، عن الصادق عليهالسلام أنّه قال لأصحابه : « لا تتمنّوا المستحيل ، قالوا : ومن يتمنى المستحيل؟! فقال عليهالسلام : أنتم ، ألستم تمنّون الراحة في الدّنيا؟ قالوا : بلى ، فقال عليهالسلام : الرّاحة للمؤمن في الدنيا مستحيلة » (١).
ب ـ إنّ المصائب تستتبع أجرا وثوابا : الأمر الذي يخفف من وقع المصائب على الإنسان ، فيواجهها بقلب صامد ، ونفس مطمئنة إلى ثواب اللّه ورحمته ، فلا تترك في نفسه أثرا أكثر مما تتركه فقاعة على سطح الماء.
يقول الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم : « المصائب مفاتيح الأجر » (٢).
وكتب رجلٌ إلى أبي جعفر عليهالسلام يشكو إليه مصابه بولده ، فكتب إليه عليهالسلام : « أما علمت أنّ اللّه يختار من مال المؤمن ومن ولده ونفسه ليأجره على ذلك » (٣).
جـ ـ إلفات نظر المسلم إلى المصيبة العظمى : وهي مصيبته في دينه ، مما يهوّن ويصغّر في نفسه المصائب الدنيوية الصغيرة ، وهي حالة امتصاص بارعة للضغوط النفسية تقوم بها العقيدة ، ويحتل هذا التوجه مركز الصدارة في سيرة أهل البيت التربوية ، روي أنّه رأى الصادق عليهالسلام رجلاً قد اشتدّ جزعه على ولده ، فقال عليهالسلام : « يا هذا جزعت للمصيبة الصغرى ، وغفلت عن المصيبة الكبرى ، لو كنت لما صار إليه ولدك مستعدّا
__________________
(١) أعلام الدين ، للديلمي : ٢٧٨.
(٢) بحار الأنوار ٨٢ : ١٢٢ ـ عن مسكن الفؤاد.
(٣) بحار الانوار ٨٢ : ١٢٣ ـ عن مشكاة الانوار : ٢٨٠.