ومنهم من قال : إنّ العصمة هي القدرة علىٰ الطاعة ، وعدم القدرة علىٰ المعصية ، وهو قول أبي الحسن البصري.
وأمّا الآخرون الذين لم يسلبوا القدرة : فمنهم من فسّرها : بانّه الأمر الذي يفعله الله تعالىٰ بالعبد من الألطاف المُقرِّبة إلىٰ الطاعات ، التي يعلم معها انّه لا يقدم علىٰ المعصية ، بشرط أن لا ينتهي ذلك الأمر إلىٰ الإلجاء.
ومنهم من فسّرها : بأنّها ملكة نفسانية لا يصدر عن صاحبها معها المعاصي.
وآخرون قالوا : العصمة لطفٌ يفعله الله لصاحبها ، لا يكون معه داعٍ إلىٰ ترك الطاعات ، وارتكاب المعصية.
وأسباب هذا اللّطف أمور أربعة :
أحدها : أن يكون لنفسه ، أو لبدنه خاصيّة ، تقتضي ملكةً مانعةً من الفجور ، وهذه الملكة مغايرة للفعل.
الثاني : أن يحصل له علم بمثالب المعاصي ، ومناقب الطاعات.
الثالث : تأكيد هذه العلوم بتتابع الوحي ، أو الالهام من الله تعالى.
الرابع : مؤاخذته علىٰ ترك الأولىٰ ، بحيث يعلم انّه لا يُترك مهملاً ؛ بل يُضيَّقُ عليه الأمر في غير الواجب من الامور الحسنة.
فإذا اجتمعت هذه الامور كان الإنسان معصوماً ) (١).
__________________
(١) شرح تجريد الاعتقاد / العلاّمة الحلي : ٣٦٥.