ومنه يجب ان يكون هؤلاء لكي تتمّ الحكمة من سفارتهم صفوته من خلقه ، وإلاّ لكان هناك ترجيحٌ بلا مرجّح ، أو تقديمٌ لمفضول علىٰ فاضل ، وهو منافٍ للحكمة. وهؤلاء حكماء ، قد ادّبهم الباري عزّ وجلّ بآدابه فبُعثوا بالحكمة كما كانوا هم من أهلها وسادتها. ويجب أن يكونوا بصراء مطيعين لله تعالىٰ لا يشركون به طرفة عينٍ ولا أقلَّ من ذلك ولا أكثر. ويجب ألاّ يكونوا كاذبين وإلاّ لانتفت الحكمة في بعثهم ، إذ سيتردد الناس في قبول قولهم ، ولا يصلح أن يكونوا أدلاّء علىٰ طريقه. وهؤلاء يجب أن يكونوا من جنس البشر وطينتهم حتىٰ يكونوا مثالاً حيّاً للائتمام بهم. واختصارا لكلِّ الصفات الكاملة المجتمعة في ذاته المقدّسة نقول إنّه يجب أن يكون معصوماً.
وبما انّ العصمة ، ليست من الامور الظاهرة والواضحة ، بل من الامور غير المدركة للبشر ، إذن لابدّ وان يُشار إليها ، بالطرق الثلاثة الآتية أو ببعضها :
أ ـ بالعقل.
ب ـ بالنقل بالاضافة إليه.
ج ـ أو بالاعجاز لاثبات منصبه ، ومن إثبات المنصب تثبت له بالملازمة.
ويتأكد العنصر الثالث ، إذ لابدّ من
إعجاز يظهر لتأييد صدق مدّعي السفارة ، وإلاّ لادّعاها كلُّ أحد. ولابدّ ان يفهم أهل عصر السفير أنّ ذلك