مختلفون في التأويل ، كلّ فرقةٍ تميل مع القرآن والسُنّة إلىٰ مذهبها ، فلو كان الله تبارك وتعالىٰ تركهم بهذه الصفة من غير مخبر عن كتابه صادق فيه لكان قد سوّغهم الاختلاف في الدين ودعاهم إليه ... وفي ذلك إباحة العمل بالمتناقضات والاعتماد للحق وخلافه.
فلمّا استحال ذلك علىٰ الله عزّ وجلّ ، وجب أن يكون مع القرآن والسُنّة في كلّ عصر من ينبئ عن المعاني التي عناها الله عزّ وجلّ في القرآن بكلامه... وينبيء عن المعاني التي عناها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في سنته وأخباره... واذا وجب انه لابدّ من مخبر صادق وجب ان لا يجوز عليه الكذب تعمّداً ، ولا الغلط وجب ان يكون معصوماً » (١).
وبما أنّ مهمته كذلك إذن يجب ان يكون صادقاً وأميناً ، لكي يقبل منه الناس كلّ ما يبينه ويوضحه كما كان الرسول كذلك.
( وثبت عند ذلك أنّ له معبّرين هم الأنبياء وصفوته من خلقه ... ).
فالأنبياء قد ذكر ، والأئمة بصفوته من خلقه قد بيّنهم كذلك ، فالأنبياء والأئمة كلُّهم لابدّ وان يكونوا ( مؤدّبين بالحكمة ، مبعوثين بها ، غير مشاركين للناس في أحوالهم ، علىٰ مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب.. ). ومن هنا نفهم وندرك جيداً معنىٰ حديث الثقلين : « إنّي مُخَلِّفٌ فيكم الثقلين كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ... ».
وندرك كذلك لِمَ سكت ذلك الشامي عندما ناظره هشام بن الحكم رضياللهعنه
__________________
(١) معاني الأخبار / الشيخ الصدوق : ١٣٣ ـ ١٣٤ بتصرف طفيف.