١ ـ إنّ من يدّعي منصباً إلهيّاً لابدّ أن يظهر المعجز علىٰ يديه ، فدعوىٰ ذلك المنصب أولاً ، وإظهار المعجز ثانياً ، فيعلم صدقه ووساطته عن الله تعالىٰ إلىٰ الناس.
ومقتضىٰ هذا كلّه يجب أن يكون صادقاً وأميناً ليؤدّي رسالته علىٰ أتمِّ وجه ، وأكمل صورة ، إذ يقبح عقلاً أن يبعث الله تعالىٰ ، أو يوسِط بينه وبين خلقه من هو كاذبٌ غير أمين. وهذا واضحٌ لا غبار عليه.
فكأنّ المُعجز قد وقع وأيّد مُدّعي النبوة والرسالة والمقام الالهي. فلابدّ أن يكون مانعاً من الكذب ، لأنّ تصديق الكذّاب قبيح. وهذا المقام الالهي بتأييده يدلُّ علىٰ الاتّباع والتصديق ، وذلك لأنّ الغرض الامتثال لما جاء به صاحب هذا المقام.
من هنا نستكشف أنّ كلّ ما يقدحُ في صاحب هذا المقام ، يقدح في الامتثال ويزحزحه ، فلابدّ أن يكون هذا الصاحب مؤيّداً بالبُعد عن جميع ما يكون منفّراً عنه مبعّداً ، ولعلّ هذا أقرب للوقوع من إظهار المعجز ، إذ إظهار المعجز لقبول قوله ، فكلّ ما يؤيِّد هذا القبول ويقوّيه يُرَجّحُ وقوعه ، وهذا كلُّه ممكن وشرائطه واضحة طبيعية ، فهو أولىٰ للتصديق من اختراق القوانين الكونية والنواميس الطبيعية لتأييد هذا الوسيط ليكون بذلك كلّه الامتثال أقرباً. إذ إنّ النفس لا تميل لمرتكب كلّ ما يكون منفراً.
وبعبارة أوضح نقول : إنّ مدّعي الوساطة
لابدّ أن يكون خالياً من السخف ، والجنون ، والخلاعة.. الخ. ونضيف إلىٰ ذلك الذنوب كلّها ، وبالخصوص الكبائر منها ، فإنّها أوضح للقبول ، ولذا عبّر من عبّر ، وأصاب