فيما عبّر ( انّ حظّ الكبائر في هذا الباب إن لم يزد عن حظّ السخف والجنون والخلاعة ، لم ينقص منه ) (١).
فإذا تمَّ هذا يظهر أنّ كلّ ما هو منفرٌ يجب أن لا يتّصف به الوسيط ، رعاية من الله تعالىٰ لنا ، ليقرِّبنا إلىٰ الطاعة أكثر ، ويبعدنا عن المعصية (٢).
فإذا سلّمنا بهذا نقول : إنَّهم اختلفوا في عدد الكبائر ، بل في حدود الكبيرة ، فبعضٌ قد رواها عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم سبعة ، ورووا انّ ابن عمر زادها اثنين ، وابن مسعود زاد عليها ثلاثة. كما أنّ كثيراً من عظائم الذنوب ليس في ما ذكروه وسطّروه.
وقد اختلفوا كذلك في تحديد الكبيرة ، فقالوا : هي الذنب الذي واعد الله تعالىٰ عليه النار في القرآن ، وبعضهم قال : إنّ الكبائر من الذنوب هي التي عُدّت كبائر في الأخبار (٣). بل بعضهم صرَّح أنّه ليس هناك كبيرة ولا صغيرة بل كلّها كبائر.
وكلّ هذا لا مدخلية له في بحثنا عند التمعّن بشيء ، وذلك لأنّ الذي يهم ، هو ما كان مُنفّراً للخلق من الوسيط ، وما كان مبعّدا للوسيط من الخالق ، فاذا رضينا بذلك وقنعنا به ، يكون حينئذٍ حال الذنوب
__________________
(١) بحار الانوار / المجلسي ١١ : ٩٢.
(٢) وهذا من أساسيات قاعدة اللطف ، فقد حدَّ القوم اللّطف : بأنّه هبة مقربة إلىٰ الطاعة ، ومبعدة عن المعصية ، ولم يكن لها حظٌّ في التمكين ، ولم تبلغ به الهبة حدَّ الالجاء. راجع كتاب العقائد من أنوار الملكوت في شرح الياقوت : ١٥٣.
(٣) راجع : الكافي في كتاب الايمان والكفر ، باب الكبائر ، والوسائل ١١ : ٤٥ من أبواب جهاد النفس.