كلّها واحداً.
ولو دققنا في الأمر أكثر لرأينا أن هناك ذنباً أي معصية ، وعاصياً ، ومن قد عُصي ، فمن جهة نفس المعصية رأينا الاختلاف في الكبيرة والصغيرة ، وحدودهما. ومن جهة العاصي رأينا علو مقامه ، وحسّاسيّة ذلك المقام فعلمنا أنّه من المقربين ، وإذا سلّمنا بأنّ حسنات الأبرار سيئات المقرّبين ، علمنا ما يُفيده ذنب المقرب سواء كان صغيراً أو كبيراً بما أنّه مقرّب ، إذ إنّ ما يُعدُّ حسنةً في مقام يُعدُّ له ذنباً وسيئة ، فكيف بالذنب والمعصية.
ومن جهة ثالثة نظرنا إلىٰ الذي عُصِيَ فرأيناهُ عظيما فعظُمت معصيته أيّاً كانت ، ولذا جاء في الأثر : « لا تنظروا في صغر الذنوب ، ولكن انظروا علىٰ من اجترأتم » (١).
من هذه الجهات الثلاث نرىٰ انّ استبعاد بل امتناع صدور المعصية من صاحب هذا المقام أقرب للقبول ، بل هو عين الواقع ، إذ حاله يختلف عن حالنا جزماً.
ومن هنا يظهر معنىٰ قول الشيخ المفيد قدسسره : ( وإنّه ليس في الذنوب صغيرة في نفسه ، وإنّما يكون فيها بالاضافة إلىٰ غيره ) (٢).
كما أننّا لو دقّقنا النظر لرأينا أنّ النفس تسكن للذي لم تصدر منه المعصية أصلاً أكثر ممن صدرت منه ، سواء تاب عنها أم لا ، والمثل الذي
__________________
(١) كنز العمال ٤ : ٢٢٩ / ١٠٢٩٤. ووسائل الشيعة / الحر العاملي ١١ : ٢٤٧ / ١٣.
(٢) أوائل المقالات / الشيخ المفيد ٤ : ٨٣.