إن قلنا كون كلّ ذلك حجّة ثبتت العصمة ، ( وهذا الدليل من أمتن ما يمكن أن يُذكر من الأدلّة علىٰ حجيّة السُنّة ).
إذ مع إمكان صدور المعصية منه ، أو الخطأ في التبليغ ، أو السهو ، أو الغفلة ، لا يمكن الوثوق أو القطع بما يدّعي تأديته عن الله عزّ وجلّ ، لاحتمال العصيان ، أو السهو ، أو الغفلة ، أو الخطأ منه ولا مدفع لهذا الاحتمال ) (١).
وربما يتوهّم مُتَوهِّم عند استطلاع ما نقلناه من آراء العلماء حول العصمة واختلافهم في حدودها من أنّ هذا لا يجدي شيئاً ؛ وذلك لأنّهم اتفقوا علىٰ أنّه معصوم بما يتعلق بالتبليغ والفتيا ، فيكون الدليل أضيق من المدّعىٰ.
نقول رفعاً لهذا التوهم : إنّ الحجّة كما نعلم هي ما يُحتجّ به ، أي أنّ للمسلم أن يتّبع مؤدّاها ويكون له الحقّ يوم القيامة ، والله سبحانه وتعالىٰ يقول : ( لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ) (٢).
فيكون عملهم حينئذٍ إذا كان مُطابقاً لما صدر من الوسيط بين الله وخلقه حجة للناس علىٰ الله لو كان ذاك قد أدىٰ وفعل أو قرّر ما ليس صحيحاً شرعاً ، وهذا لا يمكن. فعليه لابدّ أن يكون فعله وقوله وإقراره صحيحاً دائماً.
__________________
(١) الاُصول العامّة للفقه المقارن / السيد محمد تقي الحكيم : ١٢٨.
(٢) سورة النساء : ٤ / ١٦٥.