مساكين الصُّفّة ، أعي حين ينسون. وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في حديث يحدّثه : « إنّه لن يبسط أحد ثوبه حتّىٰ أقضي مقالتي هذه ، ثمّ يجمع إليه ثوبه إلاّ وعىٰ ما أقول ». فبسطت نمرة عليَّ حتىٰ إذا قضىٰ رسوله الله مقالته جمعتها إلىٰ صدري ، فما نسيت من مقالة رسول الله من شيء ) (١).
ورويٰ كذلك عنه أنّ رسول الله قال : « ألا تسألني من هذه الغنائم التي يسألني أصحابك ؟! » قلت : أسألك أن تعلمني ممّا علمك الله. فنزع نمرة كانت علىٰ ظهري ، فبسطها بيني وبينه ، حتىٰ كأنّي أنظر إلىٰ القمل يدبّ عليها ، فحدّثني حتّىٰ استوعبت حديثه. قال : « اجمعها ، فصُرّها إليك ». فأصبحتُ لا أُسقط حرفاً مما حدثني.
وروي عن أبي هريرة أيضاً ، قال : قلت لرسول الله إنّي سمعت منك حديثاً كثيراً ، فأنساه. فقال : « ابسط رداءك » فبسطته ، فغرف بيديه فيه ، ثم قال : « ضُمّه ». فضممته فما نسيت حديثاً بعده (٢).
فهل ينبغي لمن يصحح هذه الأحاديث في أبي هريرة أن ينسب السهو إلىٰ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ؟ (٣).
ولقد تنبّه الشيخ محمود أبو ريّة إلىٰ ذلك في كتابه « شيخ المضيرة أبو هريرة » فعلّق قائلاً : ( ومن عجيب أمر الذين يثقون بأبي هريرة ، ويمنعون
__________________
(١) فتح الباري في شرح البخاري ٤ : ٢٣١. وسير أعلام النبلاء / الذهبي ٢ : ٤٢٩.
(٢) طبقات ابن سعد ٤ : ٥٦.
(٣) وقد ناقش هذه المرويات التي ما أنزل الله بها من سلطان ، السيد عبدالحسين شرف الدين في كتابه ( أبو هريرة ) ، وأثبت بطلانها بوجوه عدّة ، فراجع.