إليها في مقام العمل ، وهذا هو معنى جعل المنجزيّة والمعذريّة للأمارة ـ كما قلنا ذلك في بحث جواز الإسناد ـ.
وفي مقابل هذا القول ، ذهب بعض الأعلام إلى جواز الإسناد اعتمادا على الأمارة ، وذلك لأن الأمارة تقوم مقام القطع الموضوعي ، إذ أن المراد من القطع المأخوذ في موضوع جواز الإسناد هو مطلق الحجّة ، وما القطع إلاّ مثال للحجّة ، فالمأخوذ واقعا في موضوع جواز الإسناد هو الحجة الأعم من الدليل القطعي أو الدليل الظني الذي دلّ الدليل القطعي على حجّيته ، أو بأن يقال بأنّ القطع المأخوذ في موضوع جواز الإسناد وإن كان هو القطع الحقيقي ولكن لمّا كان دليل الحجية للأمارة قد نزّل الأمارة منزلة العلم تعبّدا فإنّ هذا يصلح أن يكون مبرّرا لصلوح الأمارة لتنقيح وتحقيق موضوع جواز الإسناد ، فكما أنّ القطع الطريقي ينقّح موضوع جواز الإسناد فكذلك الأمارة بناء على التنزيل. وبهذا تقوم الأمارة مقام القطع الموضوعي وتكون مصحّحة لجواز الإسناد.
وهناك حالة رابعة لإسناد الحكم للشارع أهملها المصنّف رحمهالله وهي الإسناد اعتمادا على الأدلّة العمليّة كما لو أسند الحكم إلى الشارع اعتمادا على الاستصحاب ، وهنا يأتي التفصيل السابق أيضا بين إسناد نفس حجية الاستصحاب إلى الشارع ، وهذا لا إشكال في جوازه وذلك لأنّ إسناد نفس حجية الاستصحاب إلى الشارع إسناد بعلم لقيام الدليل القطعي على حجيّة الاستصحاب.
ويبقى الكلام في جواز إسناد نفس الحكم المستصحب إلى الشارع ، كإسناد وجوب الجمعة المستفاد من الاستصحاب إلى الشارع.