وهنا يأتي نفس الكلام السابق من أنّ المراد من القطع هو الحجة أو القطع الحقيقي ، فإن كان الأوّل فالاستصحاب مصحّح لجواز الإسناد ، وإن كان الثاني فالاستصحاب لا يصحّح الإسناد إلاّ إذا قلنا بأنّ دليل الحجية للاستصحاب قد نزّل الاستصحاب منزلة العلم. والبحث في محلّه.
هذا تمام الكلام في المبادئ التي أراد المصنّف إيرادها قبل بحث الأدلة المحرزة.
والمراد من المبادئ في المقام هي : المبادئ التصديقيّة لهذا العلم ، والتي هي في مقابل المبادئ التصورية ، وقد بيّنّا معنى المبادئ التصوّرية في بحث موضوع علم الأصول.
أمّا المبادئ التصديقية لكل علم فهي عبارة عن المقدّمات التي يكون تحريرها نافعا في الاستدلال على مسائل ذلك العلم ، فتكون هذه المبادئ بمثابة الأصول الموضوعية التي يرجع إليها الباحث عن ذلك العلم لتحصيل الوثوق بنتائج تلك المسائل.
وبتعبير آخر : هذه المبادئ تبحث لغرض إيقاعها بعد ذلك في كبرى أو صغرى أقيسة ذلك العلم.
وتطبيق ما ذكرنا على المقدّمات الخمس التي بحثناها يتّضح بالتأمّل ، فمثلا قاعدة أنّ الأصل عند الشك في الحجية هو عدم الحجية يمكن الاستفادة منها في بحث حجية قول اللغوي أو حجية خبر الثقة في الموضوعات ، وكذلك لو شككنا في إطلاق حجية الاستصحاب في حالات الشك في المقتضي ، وهكذا.