يمكن تقسيم دلالات الألفاظ على المعاني إلى ثلاث دلالات :
الأولى : الدلالة التصوّريّة :
وهي الدلالة التي توجب خطور معنى اللفظ في الذهن ، وهذا النوع من الدلالات لا يتوقّف على كون المتلفّظ بها عاقلا فضلا عن أن يكون ملتفتا ، بل إنّ هذه الدلالة تتحقّق بمجرّد صدور اللفظ من أي لافظ حتى وإن كان ببغاء ، أو كان من غير ملتفت كأن كان نائما ، أو ملتفتا ولكنه لم يقصد إخطار هذا المعنى من اللفظ بل أراد إخطار معنى آخر كما لو أراد من اللفظ غير ما وضع له كأن يقول : « زرت في هذا اليوم ثعلبا » فإنّ السامع وإن كان يعلم بأنّ اللافظ لم يرد من الثعلب معناه الحقيقي ، ولكن مع ذلك ينخطر في ذهنه معنى الثعلب.
وهذه الدلالة تسمّى أيضا بالدلالة الوضعيّة ؛ وذلك لأنّ منشأ خطور المعنى من اللفظ هو العلم بأنّ هذا اللفظ وضع لهذا المعنى ؛ فلذلك لا يحصل هذا الخطور الذهني من اللفظ ممن لا يعلم بالوضع ، فالجاهل باللغة العربية لا يحصل له تصوّر معنى « الماء » من إطلاق لفظ « الماء ».
الثانية : الدلالة التصديقيّة :
وهي التي توجب أيضا خطور معنى اللفظ في الذهن إلا أنها توجب شيئا آخر بالإضافة إلى ذلك وهو أن المتكلّم أراد إخطار هذا المعنى في ذهن السامع ، فهي إذن تضيف إلى الدلالة التصورية معنى زائدا ، وهذا هو المبرّر لاختلافها عن الدلالة التصوريّة.