وبهذا يتّضح أن الدلالة التصديقيّة تتوقّف على كون المتلفّظ عاقلا وملتفتا إذ أنه لا يمكن استظهار كون المتكلّم مريدا لإخطار المعنى من اللفظ ما لم يكن التفاته محرزا.
ومن هنا تعرف أن هذا النحو من الدلالة يتوقّف على مقدّمتين :
المقدّمة الأولى : هي علم السامع بالوضع ، وهذه هي جهة الاشتراك بينها وبين الدلالة التصوّرية.
المقدّمة الثانية : العلم بأنّ المتكلّم عاقل ملتفت وهذه هي جهة الافتراق عن الدلالة التصوّرية.
إذن حقيقة الدلالة التصديقيّة هو أنها دلالة حالية مستفادة من ظهور حال المتكلّم.
ومثالها أن يأتي المتكلّم الملتفت بلفظ الأسد ، فإنّ السامع حينئذ يتصوّر معنى الأسد ويعرف أنّ المتكلّم قصد إخطار معنى الأسد في ذهن السامع.
وتسمّى هذه الدلالة بالتصديقيّة الأولى ، وتسمّى أيضا بالدلالة الاستعمالية ، والتي هي بمعنى استعمال اللفظ لغرض إخطار المعنى في ذهن السامع.
الثالثة : الدلالة التصديقية الثانية :
وهي التي تكون متوفّرة على الدلالتين الأولى والثانية بالإضافة إلى دلالة ثالثة وهي قصد المتكلم الحكاية عن الواقع الأعم من الواقع الخارجي أو واقع نفسه ، فحينما يقول المتكلّم الملتفت الجاد « زيد فقير » فهو يحدث في ذهن السامع ثلاث دلالات :