يستعمله مستعمل فعند ذلك يحصل الانخطار.
وهذا بخلاف السببية فإنّ السببية تقتضي تحقّق المسبّب بمجرّد وجود سببه التام. ومن هنا فإنّ اللفظ يوجب تصوّر المعنى مطلقا بناء على السببية ولا يوجبه بغير الاستعمال بناء على الآلية.
المسلك الثالث :
والذي عبّرنا عنه بمسلك العلاميّة ، والذي هو عبارة عن اعتبار الواضع اللفظ علامة على المعنى فهو بمثابة الإشارات التي يحدثها الأخرس لغرض تفهيم مراداته وكالعلامات الموضوعة على الطرقات لبيان أنّها مغلقة أو سالكة.
وباتّضاح هذه المسالك الثلاثة ، نجد أنها وإن كانت تختلف في بيان كيفيّة الاعتبار إلاّ أنّها تشترك في أنّ المنشأ للعلاقة بين اللفظ والمعنى هو اعتبار الواضع.
والجواب على هذه النظريّة بتمام مسالكها :
إنّ هذه النظريّة تفترض أن المنشأ لحدوث العلاقة بين اللفظ والمعنى هو الاعتبار ، والاعتبار ليس له واقع إذ أنّه ليس له وجود وراء اعتبار المعتبر في حين أننا نرى وبالوجدان أنّ العلاقة بين اللفظ والمعنى علاقة واقعيّة حتى لو قطعنا النظر عن الاعتبار والمعتبر ، فلو كانت العلاقة اعتباريّة محضة فإنّ ذلك يقتضي انتهاء العلاقة بمجرّد قطع النظر عن الاعتبار إذ أنّ الاعتبار متقوّم بالالتزام به فلو ألغيناه أو تجاوزناه فإن ذلك يفضي إلى انعدام العلائق الناشئة عنه.
ومن هنا نقول : إنّ هذه النظريّة لم تقف على السر في نشوء هذه