ناشئة عن الوضع بل هي ناشئة عن معرفة حال المتكلّم وأنه ملتفت وقاصد لإخطار المعنى في الذهن ، فالدلالة التصديقية الأولى بناء على هذا المسلك دلالة حالية سياقية ، والذي هو ناشئ عن الوضع بناء على هذا المسلك هو الدلالة التصوّرية حيث إن الدلالة بناء على الاعتبار نشأت عن اعتبار اللفظ مفيدا لتصور المعنى.
أورد المصنّف رحمهالله على مسلك التعهّد بإيرادين :
الأول : إن مسلك التعهّد لا يستطيع تفسير الاستعمالات المجازيّة والتي يستعمها كل متكلّم إذ أن المتكلّم إذا كان بانيا على عدم الإتيان بهذا اللفظ إلا إذا كان مريدا لتفهيم هذا المعنى فهذا يعني أن استعمالاته المجازية تكون على خلاف ما تعهّد به إذ أنّه في الاستعمال المجازي يأتي باللفظ ولا يكون قاصدا لتفهيم ذلك المعنى ـ الذي تعهّد بأن لا يأتي بهذا اللفظ إلاّ لتفهيمه ـ بل يكون قاصدا لتفهيم معنى آخر.
وقد تقول إن المتكلّم وإن كان متعهّدا بألاّ يأتي بهذا اللفظ إلا إذا كان قاصدا لتفهيم هذا المعنى إلا أنه ملتزم ضمنا بأن ذلك التعهّد في غير حالات الاستعمال المجازي بأن يقول هكذا : « أنا متعهّد بأن لا آتي بهذا اللفظ إلاّ إذا كنت مريدا لتفهيم هذا المعنى ما عدا حالات الاستعمال المجازي ».
الثاني : إن مسلك التعهّد يفترض أن المتكلم وقبل أن يتكلم يتصوّر معنى ثم يضع بإزاء هذا المعنى لفظا ثم يتعهّد بينه وبين نفسه بأن لا يأتي بهذا اللفظ إلا أن يكون قاصدا لتفهيم هذا المعنى ، ويفترض أيضا أن المتكلّم حينما يريد استعمال هذا اللفظ لتفهيم هذا المعنى يرجع إلى نفسه ليرى بأيّ