وهي التي تبنّاها المصنّف رحمهالله ، وهذه النظرية تقف على جذور العلاقة الواقعية بين اللفظ والمعنى ، فهي وإن كانت تقبل بأن الوضع قد ينشأ عن اختراع الواضع لفظا واعتباره دالا على معنى من المعاني ، إلاّ أنها تعتبر ذلك وسيلة من وسائل نشوء العلاقة وليس هو السبب في واقعيّة هذه العلاقة ، وإنّما السبب في واقعيّة هذه العلاقة هو الاقتران الأكيد في ذهن الإنسان بين اللفظ والمعنى إذ أنّ فكر الإنسان ركّب تكوينا على أنّه إذا ارتبط شيء في ذهنه بشيء واستوثق ذلك الارتباط فإنّ ذلك يؤدي إلى انخطار الثاني بتصوّر الأول ، مثلا حينما يصاب الإنسان بمشكلة مستعصية ويكون سبب هذه المشكلة هو زيد من الناس فهنا يحدث ذهن الإنسان ـ بحسب ـ طبعه ـ ربطا بين هذه المشكلة المستعصية وبين زيد من الناس ، ثم إنّ هذا الارتباط يظلّ مختزنا في ذهن هذا الإنسان بحيث لو مضى على هذه المشكلة عقود من الزمن فإنّه كلّما تذكّر المشكلة انقدحت في ذهنه صورة زيد وكذلك العكس ، وما ذلك إلاّ للإرتباط الذهني الوثيق بين المشكلة وبين زيد.
والارتباط بين الألفاظ والمعاني من هذا القبيل إذ أنّ هذا الارتباط يحدث في ذهن الإنسان نتيجة عوامل معيّنة توجب توثيق الربط بين اللفظ والمعنى ، وهذه العوامل وإن كانت تختلف في طبيعتها إلاّ أنها تشترك في إحداثها للربط الوثيق بين اللفظ والمعنى ، فقد تكون هذه العوامل اتفاقية ، وقد تكون عنائية مقصودة.
ويمكن تنظير ذلك بتعليم الطفل اللغة ، فتارة يتم تعليمه عن طريق تكرار لفظ معيّن عند مشاهدة شيء معيّن فيحصل في ذهن الطفل اقتران