معنى زيد بعنوان كلّي صالح للانطباق عليه.
ومع اتّضاح هذين النحوين من تصوّر المعنى ، نكون قد توفّرنا على الشرط الذي يصحّح لنا الوضع ، إذ قلنا إن الوضع لا يمكن إلا بعد تقرّر الموضوع. والمعنى أحد جزئي الموضوع ، وإذا ما تقرّر الموضوع عندنا وتصوّرناه أمكن جعل لفظ دالا عليه.
ومن هنا يكون الوضع بلحاظ المعنى المتصوّر منقسما إلى ثلاثة أقسام :
القسم الأول : الوضع العام والموضوع له العام :
وهو أن يتصوّر الواضع معنى من المعاني الكلّيّة ويحدّده في ذهنه بما له من جنس وفصل ثم يجعل لفظا بإزاء هذا المعنى الكلي المحدّد ، مثل أن يتصوّر معنى الحيوان الناطق ويميّز هذا المعنى عن المعاني الكليّة الأخرى ، ثم بعد ذلك يجعل لفظا من الألفاظ دالا عليه كلفظ الإنسان فيكون لفظ الإنسان دالا على المعنى الكلّي والذي هو الحيوان الناطق.
فالموضوع له في هذا القسم هو المعنى الكلي المتصوّر في الذهن قبل الوضع ، والمراد من الموضوع له أي الذي وضع له اللفظ ، فالضمير في « له » راجع إلى اللفظ.
والمراد من الوضع العام هو هذه العملية التي يتصدّى لها الواضع والتي هي جعل اللفظ بإزاء المعنى ؛ وسمّي وضعا عاما لأن اللفظ الذي جعله الواضع بإزاء المعنى لفظ جعل دالا على معنى كلّي عام ، فاتّصاف الوضع بالعموم إنما هو بلحاظ المعنى الموضوع له اللفظ والذي هو في المثال الحيوان الناطق.