وضع اللفظ دالا عليه ، ويقع الكلام في المقام عن تقسيم الوضع بلحاظ تصوّر اللفظ الذي يراد جعله دالا على المعنى.
فنقول : إنّ الوضع بهذا اللحاظ ينقسم إلى قسمين :
الأول : الوضع الشخصي : وهو ما يكون اللفظ فيه متصوّرا بنفسه ، وذلك بأن يتصوّر الواضع لفظا بمادّته وهيئته ثم يضعه بإزاء معنى من المعاني ، ويمكن التمثيل لهذا القسم من الوضع بأسماء الأجناس وبأسماء الأعلام الشخصيّة ، وذلك مثلا بأن يتصوّر الواضع لفظ أسد بمادته والتي هي ( أ ، س ، د ) وبهيئته والتي هي ( فعل ) بفتح الفاء والعين ، ثم يضع هذا اللفظ بإزاء معنى كلّي وهو الحيوان المفترس ، وهذا هو وضع أسماء الأجناس ، وأما وضع أسماء الأعلام الشخصية فمثاله أن يتصوّر الواضع لفظ زيد بمادّته وهيئته ثم يضعه بإزاء معنى جزئي وهو في المثال ذات من أفراد الإنسان.
الثاني : الوضع النوعي : وهو ما يكون اللفظ فيه متصوّرا بعنوان عام ومشير ، وذلك بأن يتصوّر الواضع مادّة في هيئة من الهيئات ، تكون هذه المادة عنوانا مشيرا إلى الهيئة ، ثم يضع المادّة المتهيّئة بهيئة خاصّة بإزاء معنى كلّي وليس غرضه من الوضع سوى تحديد هيئة للمعنى الكلّي ، وإنّما جعل الهيئة في ضمن مادة لأجل الإشارة إلى الهيئة لعدم قدرة الواضع على إحصاء كل المواد المتهيّئة بهذه الهيئة ، ومثال ذلك أن يتصوّر الواضع هيئة الفعل الماضي في ضمن عنوان مشير إليها ـ وهو ( فعل ) « الفاء والعين واللام فتح الثلاثة » وهو إنّما احتاج في تصوّر هيئة الفعل الماضي إلى المادّة لأنّ الهيئة لا تكون إلاّ في ضمن مادة من المواد ـ ثم يضع هذه المادّة المتهيّئة بهذه