اللفظ الموضوع فإذا كانت الدلالة موجودة فأيّ حاجة إلى الوضع ، وهل هو إلا من تحصيل الحاصل إذ قلنا بكفاية العلاقة بين المعنى الأول الحقيقي والمعنى المجازي لتحقق الدلالة على المعنى المجازي باللفظ الموضوع للمعنى الأول الحقيقي.
وأما المعنى الثاني : ـ وهو أن المراد من صحة الاستعمال هو صحة انتسابه إلى لغة ـ فهذا غير مسلّم أيضا إذ أنّ صحة الانتساب إلى اللغة التي يتكلّم بها المتكلّم غير متوقّف على الوضع الجديد ؛ إذ أن استعمال اللفظ في المعنى المشابه ـ بصيغة الفاعل ـ للمعنى الموضوع له اللفظ مصحّح لانتساب هذا الاستعمال إلى تلك اللغة.
لمّا لم نكن مطّلعين على كل الأوضاع اللغوية حيث تستوقفنا كثير من الألفاظ المستعملة في معان معيّنة ولا ندري أنّه استعمال فيما وضعت له هذه الألفاظ حتى يكون الاستعمال حقيقيّا أو أنّه استعمال في غير ما وضعت له هذه الألفاظ فيكون الاستعمال مجازيّا ، لمّا لم نكن مطّلعين على ذلك نشأت الحاجة إلى البحث عمّا يميّز الاستعمال الحقيقي عن الاستعمال المجازي.
وهذا البحث يتصدّى لبيان هذه العلائم التي تميّز الحقيقة عن المجاز وهي كما يلي :
الأوّل : التبادر :
والمراد منه تصوّر معنى من المعاني بمجرّد إطلاق اللفظ بحيث يكون هذا اللفظ هو المتصوّر الأول في الذهن دون بقيّة المعاني ـ التي يمكن أن