قلنا فيما سبق إن ألفاظ الحروف وألفاظ الأسماء كلّها من قبيل الكلمات البسيطة التي وضعت بموادّها وهيئاتها بوضع واحد ، ولو لاحظنا كلّ الحروف لوجدنا أنّ لكلّ واحد منها ما يماثله ـ من حيث المعنى ـ في الأسماء ، فمثلا حرف ( ل ) يماثله في الأسماء كلمة ( الغرض ) ، فحينما أقول : ( جئت لزيارتك ) ، فهذا مثل ( غرضي زيارتك ) ، وحرف ( لا ) يمثاله من الأسماء كلمة ( النهي ) ، فقول : ( لا تضرب ) مثل ( أنهاك عن الضرب ) ، وحرف ( في ) يماثله من الأسماء ( الظرفية ) ، فحينما نقول : ( الماء في الكأس ) فهو مثل ( ظرف الماء الكأس ) وهكذا سائر الحروف.
وكذلك الكلام في الهيئات التركيبيّة والتي هي النسب الربطيّة في الجمل فإنّ لكلّ هيئة ما يماثلها من الألفاظ الاسميّة ، فمثلا ( زيد يشرب الماء ) فإن الهيئة التركيبيّة في هذه الجملة أفادت نسبة الشرب لزيد ولهذه النسبة المستفادة من الهيئة التركيبيّة من الجملة ما يماثلها في الألفاظ الاسمية وهي ( شرب زيد للماء واقع فعلا ).
إذن اتّضح مما تقدم أنّ ألفاظ الحروف وكذلك الهيئات لها ما يماثلها من الألفاظ الاسمية إلا أنه لا بدّ من الالتفات إلى أن هذا التماثل ليس من قبيل الترادف وإلا لصحّ وقوع كلّ منهما محل الآخر إذ أن هذا هو مقتضى الترادف ، فإنه في الترادف يصح أن نستبدل مثلا لفظ أسد في مثل رأيت أسدا بلفظ ليث ، إلا أن ذلك لا يصحّ في مثل الحروف والأسماء المتماثلة معنى ، إذ أنه لا يمكن استبدال الحرف الواقع في جملة بالاسم المماثل له في