المعنى ، فقولنا مثلا ( سافرت إلى مكّة ) لا يصح استبدال ( إلى ) بـ ( الانتهاء ) ، فلا يصح أن نقول ( سافرت انتهاء مكة ) ، أو مثلا قولنا ( لا تضرب ) لا يصح استبدال ( لا ) ( بالنهي ) بأن نقول ( نهي تضرب ).
وهكذا الكلام في الهيئات التركيبيّة ، فإنه لا يصح استبدالها بما يماثلها من أسماء ، فقولنا : ( زيد يشرب الماء ) لا يصحّ استبداله ( شرب زيد للماء ) ؛ وذلك لأن النسبة في الجملة الأولى تامّة بخلافها في الجملة الثانية فإن النسبة فيها ناقصة مما يعبّر عن عدم الترادف بين الجملتين.
والسرّ في عدم صحّة استبدال الحروف والهيئات التركيبيّة بما يماثلها من أسماء هو أن الحروف والهيئات التركيبيّة تدل على النسب الربطيّة ، ومن الواضح أن النسب ليس لها وجود خارج إطار أطرافها ، فلذلك لا يمكن أن تلحظ مستقلة ، وهذا بخلاف الأسماء فإنها تدل على معانيها بالاستقلال ودون أن نستعين على ذلك بوجودها في إطار جملة من الجمل.
يمكن تصنيف البحث إلى ثلاث جهات :
الجهة الأولى : والكلام فيها عن المدلول التصوّري ، وقد قلنا إنّ المدلول التصوّري هو عبارة عن خطور المعنى في الذهن عند سماع اللفظ الموضوع لذلك المعنى ، ولا يختلف الحال في انخطار المدلول التصوّري بين أن يكون اللافظ ملتفتا أو ذاهلا أو كان اللفظ صادرا ممن يعقل أو ممن لا يعقل كصدور اللفظ اتفاقا من حيوان ، بل قلنا إنّ المدلول التصوّري ينقدح في الذهن حتّى لو علمنا أنّ المتكلّم لا يريده كما في موارد استعمال المتكلّم