الدليل الثالث : هو التبادر : وهي علامة الحقيقة بتقريب أنّ المنسبق إلى الذهن عند إطلاق المولى للأمر هو الوجوب ، والانسباق من اللفظ هو التبادر.
وهي هيئة فعل الأمر بقطع النظر عن المادّة الواقعة في إطارها ، ويقع البحث عنها في جهات :
الجهة الأولى : فيما وضعت له صيغة الأمر :
ذكروا أنّ صيغة الأمر وضعت لمجموعة من المعاني بالإضافة إلى معنى الطلب.
منها : أنّها وضعت للتمنّي ، كقوله تعالى : ( رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ ) (١).
ومنها : أنّها وضعت للترجّي ، كقوله تعالى : ( رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ ) (٢).
ومنها : أنّها وضعت للتهديد ، كقوله تعالى : ( وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ ) (٣).
ومنها : أنّها وضعت للتعجيز ، كقوله تعالى : ( قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ
__________________
(١) سورة المؤمنون : آية ٩٩ و ١٠٠
(٢) سورة المؤمنون : آية ١٠٧
(٣) سورة الإسراء : آية ٦٤