يقع الكلام في هذا المبحث عن أنّ الأمر بالأمر بشيء هل يدلّ على أنّ متعلّق الأمر الثاني مطلوب من المأمور الثاني بحيث يكون مسؤولا عنه ، كما لو كان قد توجّه إليه الأمر مباشرة.
وبتعبير آخر : لو أنّ المولى أمر مكلّفا بأن يأمر مكلّفا آخر بفعل شيء ، فإنّه لا كلام في تنجّز الأمر الأول على المكلّف الأوّل ـ أي أنّ المكلّف الأوّل مسؤول عن امتثال الأمر بالأمر ـ وإنّما الكلام في تنجّز متعلّق الأمر الثاني على المكلّف الثاني.
وهنا ثلاثة احتمالات :
الاحتمال الأوّل : أن يكون المكلّف الثاني مسؤولا عن امتثال الأمر الثاني مطلقا.
الاحتمال الثاني : أن لا يكون المكلّف الثاني مسؤولا عن امتثال الأمر الثاني مطلقا.
الاحتمال الثالث : أن يكون المكلّف الثاني مسؤولا عن امتثال الأمر الثاني فيما لو امتثل المكلّف الأوّل الأمر الأوّل ولا يكون مسؤولا في حالة عدم الامتثال.
ومنشأ الاحتمال الأول : هو استظهار طريقيّة الأمر الأوّل للأمر الثاني ، وأنّ إرادة المولى قد تعلّقت بإيجاد المأمور به الثاني من المكلّف الثاني ، وبهذا لا يكون للأمر الأوّل والمكلّف الأوّل سوى دور الوساطة ، ولو تمّ هذا الاستظهار فإنّه ينتج مسؤولية المكلّف الثاني عن متعلّق الأمر الثاني حتى لو لم يمتثل المكلّف الأول بالأمر الأول.