الحكم الشرعي وتقسيمه
الحكم من كل قضية هو ما ثبت لموضوع تلك القضية وحمل عليها ولا فرق بين الحكم الشرعي وبين غيره من الأحكام من هذه الجهة ، وإنما قيدناه بالشرعي باعتبار أن الحكم وقع في مسألة وقضية يكون إثبات حكمها لموضوعها بيد الشارع.
فكما نقول إن الرفع الثابت للفاعل حكم نحوي ، وإن عدم امتناع الصدق على كثيرين في الكلّي حكم منطقي ، وإن المعلول لا يتخلّف عن علته حكم فلسفي ، باعتبار أن إثبات هذه الأحكام لموضوعاتها يتم في علم اللغة والمنطق والفلسفة ، فكذلك المقام ، فإن وجوب الصلاة وحرمة الخمر وفساد القرض الربوي أحكام شرعية باعتبار أن إثبات هذه الأحكام لموضوعاتها إنما هو من الشارع المقدّس.
إذا اتّضح هذا ، فنقول : إن الأحكام الشرعية هي عبارة عن مجموعة من الاعتبارات المبرزة والمجعولة من قبل الله تعالى الناشئة عن أغراض وملاكات يراها المولى جلّ وعلا ، والتي منها تنظيم حياة الإنسان والارتقاء به إلى مستوى الكمال الروحي والاجتماعي ، قال الله تعالى : ( إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ ) (١) ، وقال تعالى : ( وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ
__________________
(١) سورة العنكبوت : ٤٥