( وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) (١) فالمتعلّق للحرمة في الآية الشريفة هي طبيعي التصرّف في مال اليتيم ولكن لوحظ مع هذه الطبيعة قيد زائد وهو المستفاد من قوله تعالى : ( إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) إذ أنّ هذا تقييد لمتعلّق الحرمة فكأنّه قال : أنهاكم عن التصرّف بغير حق ، فـ « بغير حق » قيّد به التصرّف الذي هو متعلّق النهي في الآية الشريفة.
ويتحدّد الجواب عن هذا السؤال بتحديد ما هو الموضوع لألفاظ المفاهيم الواقعة موضوعا أو متعلّقا للأحكام ، فإذا قلنا إنّ ألفاظ المفاهيم موضوعة للطبايع بما هي دون أن يكون الإطلاق والتقييد دخيلا فيما هو الموضوع لها فهذا يعني أنّ الإطلاق غير مستفاد من الوضع ، وإذا قلنا إنّ ألفاظ المفاهيم موضوعة للطبايع بنحو الإطلاق فهذا يعني أنّ الإطلاق مستفاد من الوضع ، مثلا لو قلنا إنّ لفظ الإنسان أو لفظ الإكرام موضوعان لطبيعة الإنسان بما هي ولطبيعة الإكرام بما هو دون أن يلحظ مع هذه الطبيعة شيء آخر فهذا يعني أنّ الإطلاق كالتقييد يعرضان على الطبيعة وليس للفظ الإنسان أو للفظ الإكرام أيّ دلالة عليهما وإنّما يستفادان من دالّ آخر ، فحينما يقال : « أكرم الإنسان » فإنّ هنا مدلولين ، الأول طبيعة الإنسان والآخر الإطلاق ، والمدلول الأوّل مستفاد من لفظ الإنسان والمدلول الثاني مستفاد من دال آخر غير مفهوم الإنسان كما هو الحال في
__________________
(١) سورة الانعام : آية ١٥٢