الرابع : تقابل الملكة وعدمها : وهو التقابل الواقع بين الوجود والعدم في موضوع يمكن أن يتّصف بذلك الوجود ؛ فلذلك لا يكون التقابل بين الملكة والعدم إلاّ في الأعراض إذ أنّ الملكة لا تجعل بجعل الذات بل هي تعرض على الذات أو لا تعرض ؛ وذلك لأنّ الذات تجعل بنحو الجعل البسيط والذي هو إيجاد نفس الذات ، وهذا بخلاف جعل الملكة فإنّه يكون بنحو الجعل التأليفي أي اتصاف الذات بشيء بعد تقرّر الذات في رتبة سابقة ، ومن هنا يتّضح إمكان خلوّ الواقع عن الملكة وعدمها بأن لا يكون الموضوع متّصفا بالملكة أو بعدمها إلاّ أنّ خلو الواقع منهما لا يتصوّر إلاّ في الموضوعات التي ليس لها شأنية الاتّصاف بالملكة ، أمّا في الموضوع الذي له شأنيّة الاتّصاف بالملكة فإنّه لا يمكن أن يخلو واقعه من الملكة وعدمها.
ويمكن التمثيل لهذا النوع من التقابل بالنطق وعدمه والشجاعة وعدمها ، فإنّ النطق هو الملكة وعدم النطق هو عدم الملكة ولا يمكن اجتماعهما على موضوع واحد في آن واحد ، كما أنّ عدم ملكة النطق مثلا لا يتّصف بها غير الإنسان كالنبات إذ أنّه غير متّصف بالملكة فلا يتّصف بعدمها ، وبهذا يتّضح إمكان خلوّ الواقع منهما فإنّ النبات لمّا لم يكن له شأنية الملكة فلا يتّصف بعدمها.
إذا اتّضحت أنحاء التقابل ، يقع الكلام فيما هو نوع التقابل بين الإطلاق والتقييد ، والبحث عنه تارة يقع في مقام الثبوت وأخرى في مقام الإثبات.
أمّا مقام الثبوت : فتوضيحه أنّ واقع التقابل يمكن تحديده وتضييق دائرة احتمالاته عن طريق ما ذكرناه في بيان معنى التقييد والإطلاق ، حيث