قلنا إنّ التقييد هو لحاظ القيد والإطلاق هو عدم لحاظ القيد ، وإذا كان كذلك فنحو التقابل بينهما لا يمكن أن يكون من قبيل تقابل الضدّين أو تقابل المتضايفين لأنّ التقابل بين الضدّين وكذلك المتضايفين لا يكون إلاّ بين الأمرين الوجوديين ، والإطلاق ليس من سنخ الأمور الوجوديّة إذ أنّه كما قلنا عبارة عن عدم لحاظ القيد ، وبذلك تنحصر دائرة الاحتمالات عن واقع التقابل بين الإطلاق والتقييد في احتمالين :
الاحتمال الأول : هو تقابل التناقض : إذ أنّه يمكن أن ينسجم مع تعريف الإطلاق والتقييد كما هو واضح ، فيكون التقييد والإطلاق من قبيل وجود زيد وعدم وجوده ، ويترتّب على هذا الاحتمال أنّه في كلّ مورد يثبت فيه التقييد فهو يعني عدم الإطلاق وكذلك العكس ؛ وذلك لأنّ الواقع لا يخلو من أحد النقيضين كما اتّضح مما سبق.
الاحتمال الثاني : هو تقابل الملكة وعدمها : وهذا الاحتمال أيضا يمكن انسجامه مع تعريف الإطلاق والتقييد بحيث يكون التقييد هو الملكة والإطلاق هو عدم الملكة ، ويترتّب على ذلك أنّ الإطلاق لا يتصوّر إلاّ في مورد يمكن فيه التقييد كما هو الحال في النطق وعدمه.
أمّا مقام الإثبات : فالمتعيّن فيه هو تقابل الملكة وعدمها ، فالتقييد هو الملكة والإطلاق عدمها ؛ وذلك لأنّ مقام الإثبات يعني مقام ما يثبت الإطلاق والتقييد في مرحلة الدلالة على مقام الثبوت ، إذ أنّ وظيفة مقام الإثبات والدلالة هي الكشف عن مقام الثبوت والواقع ، ومن الواضح أنّ الذي يكشف عن التقييد الثبوتي هو ذكر القيد في مقام الدلالة ، وأنّ الذي يكشف عن الإطلاق الثبوتي هو عدم ذكر القيد في مورد يمكن فيه التقييد