فالزوجية ـ التي هي حكم وضعي ـ وقعت موضوعا لحكم تكليفي وهو وجوب النفقة.
وقبل بيان المراد من مبادئ الحكم التكليفي لا بدّ من تقديم مقدمتين :
الأولى : وهي أن كل فعل اختياري يصدر من فاعل مختار لا بدّ أن يمرّ عبر مراحل ذهنية قبل صدور الفعل خارجا وهذه المراحل هي :
أولا : تصوّر الفعل ثم تصوّر فائدته ثم التصديق والإذعان بتلك الفائدة ثم ينشأ عن ذلك شوق ورغبة للفعل ثم يترتب على تلك الرغبة والشوق العزم على إيجاده ، وهذا العزم يتفاوت بتفاوت مستوى الرغبة والشوق ، وبعد طيّ كل هذه المراحل تصل النوبة لإعمال القدرة على إيجاد ذلك الفعل في الخارج فيسعى نحو تحقيقه في الخارج بالوسائل التي يراها مناسبة ، فتارة يعمل قواه العضلية في سبيل تحقيق ذلك الفعل وهذا ما يعبّر عنه بالإرادة التكوينية كتحرك العطشان بنفسه لتحصيل الماء ، وتارة أخرى يصدر أمرا ـ بتحصيل الماء ـ لعبده أو ولده مثلا ويعبّر عن ذلك بالإرادة التشريعية.
الثانية : إنّ الأحكام التشريعية الصادرة عن الله جلّ وعلا ليست جزافيّة بل هي أحكام نشأت عن مصالح أو مفاسد في متعلقاتها ، وهذا هو ما اشتهر عن الإمامية ـ أن أحكام الله تابعة للمصالح والمفاسد ـ فوجوب الصلاة مثلا ناشئ عن مصلحة في متعلق ذلك الوجوب وهكذا حرمة الخمر فإنها ناشئة عن مفسدة في متعلق الحرمة وهو شرب الخمر.
إذا اتضحت هاتان المقدّمتان فنقول : إنّ الحكم الشرعي وكذلك