الأحكام الصادرة عن الموالي العرفيين يمرّ بمرحلتين.
المرحلة الأولى : عبّر عنها المصنّف بمرحلة الثبوت للحكم ، ويقصد بها واقع العمليّة الذهنية التي يتدرّج فيها الفكر للوصول إلى الحكم ، وهي التي بيّنّاها في المقدمة الأولى.
ولا بأس بتطبيقها على المورد ، وهو الحكم في مرحلة الثبوت.
فالمولى العرفي مثلا يتصوّر أولا الحكم الذي هو فعل من الأفعال ثم يتصور فائدته ثم يحصل له الإذعان والتصديق بتلك الفائدة والمصلحة المعبّر عنها بالملاك ، فهذه مراحل ثلاث تولّد الشوق والإرادة لتحصيل هذا الحكم ومرتبة هذا الشوق والإرادة تتفاوت قوّة وضعفا بحسب ما ادركه المولى من مستوى تلك المصلحة ، فكلما كانت المصلحة أكيدة وشديدة كانت الإرادة قوية ومتناسبة مع مستوى المصلحة المدركة ، ثم تصل النوبة إلى مرحلة الاعتبار التي هي حالة نفسانية تفترض وتعتبر ذلك الحكم على عهدة المكلّف ، وهذا الاعتبار ليس أكثر من التماس كيفية يرتبها المولى استعدادا لإبراز مطلوبه ، وهي ليست أمرا أساسيا في مرحلة الثبوت للحكم ، ولذلك لو افترض عدمه لما كان ذلك مؤثرا على سير الحكم وخروجه من مرحلة الثبوت إلى مرحلة الإثبات ، بخلاف المصلحة مثلا فإنه لو افترض عدمها لأثّر ذلك على سير الحكم وخروجه من مرحلة الثبوت إلى مرحلة الإثبات.
وخلاصة القول إن الحكم في مرحلة الثبوت يمرّ بثلاث مراحل :
الأولى : هي المصلحة المدركة « الملاك » ، وقد طويت في هذه المرحلة المراحل التي سبقتها كما اتّضح مما تقدّم.