الثانية : الإرادة ، والتي قلنا إنها تتفاوت بتفاوت مستوى المصلحة والملاك.
الثالثة : وهي الاعتبار ، وقد قلنا إنها حالة نفسانية تفترض وتعتبر الحكم ـ المشتمل على المصلحة والإرادة ـ على عهدة المكلّف ، وهي ليست أكثر من التماس كيفية تهي لغرض إبراز المطلوب بها ، فهي أشبه بالكلام النفسي الذي يرتّبه المتكلّم في نفسه استعدادا لإلقائه.
هذا تمام الكلام في المرحلة الأولى للحكم وهي مرحلة الثبوت.
المرحلة الثانية : وهي مرحلة الإثبات للحكم ، وهي تبدأ من حيث تنتهي المرحلة الأولى.
وهذه المرحلة عبارة عن إبراز وإظهار الحكم الناشئ عن الملاك والإرادة ، فالمولى يبيّن في هذه المرحلة النتيجة التي رست عليها نفسه في مرحلة الثبوت ويستخدم لهذا الغرض أحد الوسائل التي يتم بها الإبراز والإظهار مثل الجملة الإنشائية الطلبية كالأمر أو النهي أو الجملة الخبرية المسوقة لغرض الإنشاء والطلب.
ثم إنه قد يبرز الحكم عن طريق بيان تعلّق إرادته بفعل مباشرة كأن يقول : « أريد كذا » ، وقد يبرزه عن طريق الاعتبار ، والمراد من الاعتبار هنا هو افتراض الفعل على عهدة المكلّف وأنّه مجعول عليه ومسئول عنه كقوله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ) (١) ، فالمولى يقول : إنّ من حقه على الناس حجّ البيت ، ومن الواضح أنّ هذا الاعتبار يكشف عن
__________________
(١) سورة آل عمران : ٩٧