مقام تقويم الأخطاء التي يرتكبها العامل ، فإنّ العرف حينئذ يستظهر من حال المشرف الإمضاء لعمل العامل ، وإلاّ كان عليه بحكم كونه في مقام التقويم ـ أن ينبّه العامل على خطئه.
وإذا تم هذا الدليل الاستظهاري فهو لا يفتقر إلى إحراز شرائط النهي عن المنكر كما هو مقتضى التقريب الأول من الدليل العقلي ، كما لا يفتقر إلى إحراز ناقضيّة السكوت للغرض كما هو مقتضى التقريب الثاني من الدليل العقلي.
والبحث عن السيرة العقلائيّة بحث عن تنقيح أحد موضوعات دليليّة السكوت على الحكم الشرعي ، إذ أنّ المعصوم عليهالسلام قد يشاهد أمامه موقفا عمليّا خاصّا فيسكت عنه ، وقد يشاهد حالة اجتماعيّة وتبانيا عقلائيا عاما ، وهذا ما يعبّر عنه بالسيرة العقلائيّة ، ودليليّتها على الحكم الشرعي ترجع إلى دليليّة السكوت ، إذ أنّ المعصوم لو ردع عن هذه السيرة لسقطعت دليليّتها على الحكم الشرعي ، فمناط دليليّة السيرة هو سكوت المعصوم عليهالسلام وعدم التنبيه على منافاتها للشريعة ، وهذا هو معنى ما يقال من أن مناط حجيّة السيرة العقلائيّة هو الإمضاء إذ أنّ الإمضاء غالبا ما يكون بواسطة السكوت ، وبهذا يتّضح أنّ ما استدلّ به على دليليّة السكوت على الحكم الشرعي جار في المقام ، غاية ما في الأمر أنّ المعصوم عليهالسلام قد يمضي موقفا عمليا خاصا بواسطة السكوت ، وقد يمضي سلوكا عمليّا عاما.