فكلا الدليلين العقلي بتقريبيه والاستظهاري ، هما دليل إمضاء السيرة العقلائيّة ، فلا يكون البحث عن السيرة العقلائيّة بحثا مستقلا عن بحث دليليّة السكوت على الحكم الشرعي ، وإفراد السيرة العقلائيّة بالبحث ناشئ عن أن تنقيح موضوعيّتها لدليليّة السكوت يحتاج إلى شيء من البيان.
ومن هنا وقع البحث عن مقدار ما يقع منها موضوعا لدليليّة السكوت ، فهل أنّ الإمضاء المستفاد من السكوت واقع على خصوص التباني العملي العقلائي ، أو هو يتّسع ليشمل النكتة التي نشأ عنها ذلك التباني.
ولمزيد من التوضيح نقول : إنّ السيرة العقلائيّة لا تنشأ جزافا بل إنّ لها مناشئ ومبرّرات تكون هذه المناشئ هي نكتة التباني على عمل معيّن ، ولذلك يكون كل مورد متوفّر على تلك المبرّرات مؤهلا للجرى عليه من قبلهم ، ويكون عدم الجري عليه في وقت من الأوقات مسبّب عن عدم الحاجة إليه في ذلك الوقت.
ويمكن التمثيل لذلك بالسيرة العقلائيّة الجارية على تقديم قول الأعلم في موارد الاختلاف ، فإنّ هذه السيرة لم تنشأ جزافا وإنما نشأت عن مبرّر وهو أقربيّة رأي الأعلم للواقع ، ولذلك يكون كل مورد متوفّر على هذه النكتة يصلح لأن يجري العقلاء على وفقه ، فلو كان رأي المشهور متوفّرا على هذه النكتة فهذا يعني صلاحيّة رأي المشهور للجري عليه من قبل العقلاء في موارد الاختلاف فيما هو الواقع.
وهنا أمر آخر لا بدّ من التنبيه عليه ، وهو أن الإمضاء المستفاد عن