السكوت إذا كان واقعا على السيرة بنكتتها ، فهذا يقتضي ملاحظة النكتة ، وما تقتضيه من حكم تكليفي أو وضعي ، فلو كانت نكتة السيرة الجارية على الرجوع إلى قول الأعلم تقتضي لزوم الرجوع إلى الأعلم ، فهذا يعني أنّ الإمضاء كاشف عن حكم تكليفي إلزامي ، وهو وجوب الرجوع إلى الأعلم.
وكذلك لو كان إمضاء الشارع السيرة الجارية على الالتزام بالعقود المعاطاتيّة ، فإنّ ذلك يستوجب ملاحظة ما تقتضيه نكتة هذه السيرة ، فلو كانت النكتة هي تقبيح العقلاء مخالفة مقتضى العقود ، فإنّ ذلك يستلزم كون الإمضاء مفيدا لحكم وضعي وهو اللزوم في العقود المعاطاتيّة.
ومما ذكرناه يتّضح أنّ هناك ثمرتين تظهر من الفرق بين المبنيين :
الثمرة الأولى : أنّه إذا كان الإمضاء المستفاد عن السكوت واقعا على خصوص السيرة العمليّة بقطع النظر عن مبرّرها ، فهذا يقتضي الجمود على ما وقع التباني عليه ، ولا تكون لنكتة التباني أيّ حجيّة ، وهذا بخلاف ما لو كان الإمضاء واقعا على السيرة بمالها من مبرّرات ومناشئ ، فإنّ ذلك يعني أنّ الشارع قد أمضى كل مورد توفّر على تلك المبرّرات حتى ولو لم يكن هناك تبان فعلي جار في ذلك المورد ، مثلا : لو كان المبرّر لاعتماد العقلاء على خبر الثقة هو الوثوق ، فإنّه لمّا كان إمضاء الشارع لتلك السيرة يعني إمضاءه لكبرى هذه السيرة ـ وهي الوثوق ـ فإنّ ذلك يقتضي إمضاء كل مورد توفّر على كبرى تلك السيرة ، فخبر الضعيف لو احتفّ بقرائن موجبة للوثوق فإنّ هذا الخبر يكون ممضى لتوفره على الكبرى الكلّية وهي الوثوق ، والتي استفيد إمضاؤها من إمضاء الشارع للسيرة الجارية على