للمطابقة فلا بدّ من انتفاء المانع والذي هو من قبيل عدم الغفلة وعدم النسيان.
وأمّا مقتضي المطابقة في الأمور النظريّة الحدسيّة فهو أن يكون المخبر من أصحاب الفهم والتخصّص فيما أخبر عنه حدسا ، وإذا تم المقتضي فلا بدّ من انتفاء المانع ، والذي هو من قبيل الذهول والابتلاء الموجب لتشتّت الذهن.
ومع اتّضاح ذلك نقول : إنّ منشأ احتمال الاشتباه في موارد الإخبارات الحسيّة غالبا ما تكون ناشئة عن احتمال عروض المانع الموجب لعدم تأثير المقتضي لأثره ، أما المقتضي ـ وهو سلامة الحواس ـ فغالبا ما يكون محرز الوجود في المخبر عن حس.
وهذا بخلاف الإخبار عن حدس ، فإنّ احتمال الاشتباه يمكن أن يكون ناشئا عن عدم المقتضي ، أي عدم أهلية المخبر عن حدس ، ويمكن أن يكون ناشئا عن عروض المانع ، وهو ابتلاء المخبر عن حدس بتشتت الذهن أو الغفلة عن بعض المقدمات المؤثّرة في النتيجة التي وصل إليها وهكذا.
الخامس : إذا كان المركز الذي يحتمل أن يكون نشأ عنه الاشتباه واحدا فإنّ الإخبارات ـ سواء كانت حسيّة أو حدسيّة ـ لا يحصل منها القطع حتى وإن بلغت من الكثرة حدا كبيرا ، فلو أخبر عدد كبير من الناس أنّ حريقا نشب في بيت زيد ، واحتملت أن منشأ الإخبار هو رؤيتهم الدخان الكثيف المتصاعد من بيت زيد ، وكنت تعلم أنه لو كان هذا هو المنشأ للإخبارات لكان مضمون الخبر منافيا للواقع إذ أنّ في بيت زيد ـ ذلك اليوم ـ ضيوفا كثيرين ، وهو قد أشعل النار لطهي الطعام ، نعم من