من الواضح أنّ السيرة العقلائيّة كالسيرة المتشرعيّة من حيث أهليّتها لأن يثبت بها الحكم الشرعي بنحو القطع ، وقد قلنا إنّ السيرة العقلائيّة تتأهّل للدليليّة على الحكم الشرعي بركنين أساسيّين :
الأوّل : هو إحراز معاصرة السيرة لزمن المعصوم عليهالسلام.
الثاني : الإمضاء من قبل المعصوم عليهالسلام المنكشف عن السكوت.
ومن هنا نواجه مشكلة ، وهي أنّه كيف يمكن التعرّف على معاصرة السيرة للمعصوم عليهالسلام ، والحال أنّ الفاصلة الزمنيّة بيننا وبين المعصوم عليهالسلام كبيرة ، وهذا ما دعى الأعلام لطرح مجموعة من المحاولات لإثبات معاصرة السيرة المعاشة وجدانا لزمن المعصوم عليهالسلام. وهذه المحاولات إذا تمّت فإنّه يمكن الاستفادة منها لإثبات معاصرة السيرة المتشرعيّة ـ الموجودة فعلا ـ لزمن المعصوم عليهالسلام. والمحاولات كما يلي :
إنّه لمّا كانت السيرة العقلائيّة ناشئة عن مرتكزات عقلائيّة متأصّلة وراسخة في جبلّة العقلاء بحيث يكون كلّ عاقل مهما كان موقعه التاريخي مجبولا عليها فإنّ ذلك يقتضي استبعاد تحوّل السيرة وانقلابها إلى الضد أو ما يقاربه ، وهذا يكشف عن أنّ السيرة المعاشة وجدانا لها امتداد تاريخي يتصل بزمن المعصوم عليهالسلام.
والجواب : أنّ هذه المحاولة غير تامّة ، وذلك لفساد دعوى أنّ السيرة العقلائيّة دائما تكون ناشئة عن مرتكزات تقتضيها جبلّة كلّ عاقل ، إذ أنّ