الإشكال على الاستدلال بالآية الكريمة :
وقد أورد على الاستدلال بالآية الكريمة بإيرادين :
الإيراد الأوّل : أنّ الجملة الشرطية في الآية الكريمة لا مفهوم لها ؛ لأنّ الشرط فيها سيق لبيان تحقّق الموضوع وفي كلّ حالة من هذا القبيل لا يثبت للقضيّة الشرطيّة مفهوم.
وبيان ذلك : أنّ الشرط وهو مجيء الفاسق هو المحقّق للموضوع « النبأ » ولا يمكن افتراضه في ظرف انتفاء الشرط ؛ إذ أنّ الشرط ـ وهو مجيء الفاسق بالنبأ ـ هو الموجد للنبأ ولولاه لما كان للنبأ وجود ، فلو أنّ للجملة مفهوم لكان مساقها هكذا « إذا لم يجيء الفاسق بالنبأ فلا يجب التبيّن عنه » وهذه قضيّة حتميّة إذ أنّها من السالبة بانتفاء الموضوع ، فمن الطبيعي أنّ الموضوع ـ وهو النبأ ـ لمّا كان منتفيا فينتفي بتبعه الحكم. وهذا بخلاف المفهوم فإنّ الموضوع يظلّ ثابتا ومن هنا يتصوّر انتفاء الحكم عنه لإمكان تصوّر ثبوت الحكم له.
فمثلا الجملة الشرطيّة التي هي من قبيل « إذا جاءك زيد فأكرمه » فإنّ الموضوع وهو زيد له تقرّر وثبوت بغض النظر عن
الشرط وهو المجيء ، ومن هنا يتعقل ثبوت المفهوم لمثل هذه القضيّة إذ أنّ الموضوع في ظرف انتفاء الشرط يتصوّر ثبات الحكم له ، ومن هنا يكون انتفاء الحكم متصوّرا أيضا.
وقد أجاب صاحب الكفاية رحمهالله عن هذا الإيراد بما حاصله :
إننا وإن كنّا نسلّم بتماميّة الإيراد ـ بناء على أن الشرط هو مجيء