المبرّرة عقلائيا.
الثاني : إنّنا لو سلّمنا بعموم التعليل وأنّه شامل لخبر العادل إلاّ أنّ ذلك لا يوجب إلغاء المفهوم ؛ إذ أنّ علاقة المفهوم ـ وهو عدم وجوب التبيّن عن خبر العادل ـ مع عموم التعليل علاقة الإطلاق والتقييد وهو ما يقتضي حمل المطلق ـ والذي هو عموم التعليل ـ على المقيّد والذي هو المفهوم.
وبيان ذلك : أنّ عموم التعليل يشمل مطلق أخبار الآحاد ومقتضى مفاد المفهوم هو عدم وجوب التبيّن عن خبر خصوص العادل ، وهذا ما يقتضي بموجب قاعدة حمل المطلق على المقيّد حمل عموم التعليل على المفهوم.
الثالث : إنّ مفاد المفهوم هو أنّ خبر العادل بيّن بنفسه فلا يحتاج إلى التبيّن من صدقه أو كذبه ، وهذا ما يقتضي خروجه موضوعا عن عموم التعليل ؛ إذ أنّ موضوع التعليل هو عدم العلم وخبر العادل يعطي العلم ولو تعبدا ، ومع تباين الموضوعين لا يمكن تعدية الحكم المعلّل بعلّة لموضوع مباين لموضوع تلك العلّة.
وبعبارة أخرى : لمّا كان مفاد المفهوم هو علميّة مؤدى خبر العادل فهذا يعني عدم شمول الحكم المعلّل في المنطوق له ؛ وذلك لأنّ موضوع علّة الحكم في المنطوق هو عدم العلم وقد قلنا إن الشارع قد افترض مؤدى خبر العادل علما ، وهذا ما يقتضي مباينة موضوع العلّة مع موضوع مؤدّى خبر العادل.
ومنها قوله تعالى ( وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ