عنه هو حجيّة خبر الثقة الحسّي ، والحجيّة الثابتة في المقام إنّما هي للخبر الحدسي.
ومنها : قوله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ ) (١).
والاستدلال بالآية الكريمة على حجيّة خبر الثقة يتم بواسطة الملازمة العقلائيّة بين إطلاق حرمة الكتمان المستفاد من الآية الكريمة وبين القبول من المتلقي للخبر عند امتثال العالم حرمة الكتمان.
وبيان ذلك : أنّ المستفاد من الآية الكريمة هو حرمة كتمان الحق والهدى بنحو مطلق سواء كان بيان الحقّ موجبا للعلم عند المتلقي للخبر أو غير موجب للعلم ، وإذا كان كذلك فإمّا أن يجب القبول والتعويل على ذلك البيان أو لا يصح التعويل والقبول في حالة عدم حصول العلم ، والثاني باطل فيتعيّن الأول.
أمّا بطلان الثاني وهو عدم صحّة القبول في ظرف عدم العلم فلأنّه يلزم منه محذور لا يلتزم به العقلاء ، وهو لغويّة حرمة الكتمان ووجوب البيان في حالة عدم ترتّب العلم على البيان ؛ إذ من العبثية بمكان أن يجب البيان ومع ذلك لا يترتّب عليه أثر. ومن هنا يتعيّن الأول وهو وجوب القبول عند عدم الكتمان وبيان العالم ما عنده من البيّنات والهدى ، وبهذا يثبت المطلوب ، إذ أنّ وجوب القبول في ظرف عدم اقتضاء البيان للعلم معنى آخر للحجيّة.
__________________
(١) سورة البقرة آية ١٥٩