وبعد أن ثبتت الحجيّة لخبر الواحد في الجملة ، يقع الكلام حول مقدار هذه الحجيّة سعة وضيقا.
والكلام حول هذا البحث يقع في جهتين :
الأولى : في مقدار الحجيّة من جهة الراوي.
الثانية : في مقدارها من جهة المضمون.
أمّا الجهة الأولى : فلو كان دليل الحجيّة هو آية النبأ فهذا يقتضي تضييق دائرة الحجيّة واختصاصها بخبر العدل ، إذ أنّ هذا هو المقدار الذي يمكن أن يستفاد من المفهوم في آية النبأ كما اتّضح ممّا تقدّم.
أمّا لو كان المثبت للحجيّة هو الروايات والسيرة فدائرة الحجيّة تكون أوسع ؛ إذ أنّ مقتضاها هو أنّ الحجيّة ثابتة لمطلق خبر الثقة ولو كان فاسقا أي أنه يكفي في الاعتماد على الخبر أن يكون المخبر متحرّزا عن الكذب ولو لم يكن متحرّزا عن ارتكاب المعصية.
وهذا هو الذي استقرّ عليه معظم الأعلام ( رضوان الله عليهم ) إلاّ أنه وقع الكلام بينهم في أنّ وثاقة الراوي هل هي معتبرة بنفسها بحيث يكون المناط في حجيّة الخبر هو وثاقة الراوي ـ سواء أفاد خبره الوثوق أو لم يفده ـ أو أنّ الحجيّة الثابتة لخبر الثقة باعتبار أنّ الوثاقة غالبا ما تكون موجبة للوثوق والاطمئنان بصدور الخبر ، ولهذا لو لم يحصل الوثوق بالصدور لوجود ما يوجب وهن الخبر والتشكيك في صدوره فإنّ ذلك يوجب سقوطه عن الاعتبار وإن كان راويه ثقة.
والمبنى الأول يعني أنّ وثاقة الراوي أخذت بنحو الموضوعيّة ، أي أنّ