يقطع العبد بحلية شيء فيرتكبه ويتّفق حرمة ذلك الشيء واقعا فإنّه يستطيع أن يحتج على المولى بالقطع بالحليّة فيكون ذلك معذّرا له عن المخالفة ومصحّحا لنفي المسؤولية عليه تجاه مولاه.
الجهة الثانية من المبحث الثالث : وهي البحث عن التلازم بين الخصوصيّتين ـ وهما الكاشفيّة والمحركيّة ـ وبين الخصوصيّة الثالثة وهي الحجيّة للقطع ، فنقول : إنّه مع اتّضاح معنى الخصوصيّات الثلاث يتّضح عدم التلازم بين الخصوصيّتين وبين الحجيّة بمعنى أنّ البحث لا ينتهي بثبوت الكاشفيّة والمحركية للقطع بحيث يكون ثبوتهما معنى آخر لثبوت الحجيّة للقطع وبه ينتهي الحديث عن حجيّة القطع ، بل لا بدّ من بحث الخصوصيّة الثالثة وأنّها ثابتة للقطع أو لا. وذلك لأنّ الخصوصيّة الأولى ليست أكثر من بيان معنى القطع ، والحجيّة ليست هي معنى القطع ولا هي جزؤها المقوّم كما اتّضح ذلك من بيان معنى القطع ومعنى الحجيّة ، وكذلك الكلام في الخصوصيّة الثانية وهي المحركية فهي ليست أكثر من بيان أثر تكويني من آثار القطع ، والمحركيّة غير الحجيّة كما اتّضح من بيان معناهما فلا يلزم من ثبوت المحركية للقطع ثبوت الحجيّة له ، نعم ثبوت المحركيّة لا يمنع من ثبوت الحجيّة إذ من الممكن جدا أن يكون للشيء الواحد مجموعة من الآثار.
والنتيجة : أنّ التسليم بالخصوصيّتين لا يعني التسليم بثبوت الحجيّة للقطع ، وبالتالي لو أنكرنا الخصوصية الثالثة « الحجيّة » مع التسليم بالخصوصيّتين لا يؤول ذلك إلى التناقض المنطقي وإنما يؤول لو كانت الحجية هي عين الكاشفية أو جزءها المقوّم أو هي عين المحركية أو جزءها المقوّم ، أما وقد ثبت التغاير بينها وبين كلّ من الخصوصيّتين فلا يكون