الالتزام بهما مع إنكارها تناقضا منطقيا.
وبعبارة أخرى : لو كانت الحجية معنا آخر للكاشفيّة فهذا يعني أن التسليم بالكاشفية للقطع مع إنكار الحجية للقطع تناقض إذ أنّ ذلك يؤول إلى أن الكاشفية للقطع ثابتة وغير ثابتة ، وكذلك لو كانت الحجية جزء مقوّم للكاشفية ، فالتسليم بها مع إنكار الحجيّة التي هي الجزء المقوّم لها يؤول إلى التناقض المنطقي ، فكأنما نقول إنّ الكاشفية للقطع ثابتة وغير ثابتة فكما أن القول إن الإنسان ليس بناطق يؤول إلى التناقض فكأنه قيل الإنسان ليس بإنسان ، كذلك الكلام في المحركيّة مع الحجيّة.
والمتحصّل أننا لما أثبتنا مغايرة الخصوصيّتين للخصوصيّة الثالثة ( الحجيّة ) فلا يكون تسليمنا بالخصوصيّتين مع إنكارنا للثالثة تناقضا فنحن في سعة من جهة التسليم بها وعدم التسليم.
الجهة الثالثة من المبحث الثالثة : الحجيّة هل هي ثابتة للقطع أو لا؟
المعروف بين الأصوليّين ثبوت الحجيّة للقطع بمعنى أنّها لازم ذاتي للقطع.
وقد اتّضح مما سبق معنى اللازم الذاتي وأنه المحمول الخارج عن الذات اللازم لها مثل الحرارة بالنسبة إلى النار ، فإنّها غير النار إلا أنّها لازمة للنار ، بحيث يستحيل تخلّفها عن النار.
ومع اتّضاح معنى اللازم الذاتي يتّضح معنى قولهم إن القطع بذاته يستلزم الحجيّة ، فالحجية هي المحمول الخارج عن ذات القطع اللازم له بحيث لا يمكن التخلّف لاستحالة تخلف اللازم الذاتي عن ملزومه.