أن الأول ـ وهو الانكشاف القطعي ـ لا يمكن الترخيص في ترك متعلّقه بخلاف الانكشاف غير القطعي فإنه يمكن الترخيص في مورده ؛ وذلك لأن الترخيص حكم ظاهري بالإباحة والحكم الظاهري موضوعه أو مورده الشك وعدم العلم وهو حاصل في موارد الانكشاف الظني والاحتمالي.
وبهذا يتّضح معنى قول المصنّف إنّ منجزيّة القطع غير معلّقة بخلاف منجزيّة الظن والاحتمال فإنها معلّقة على عدم الترخيص ، فالظن بالتكليف مثلا منجز إلا أن يرخّص المولى في تركه وكذلك الاحتمال ، وهذا لا يقال في القطع بالتكليف ، إذ يستحيل الترخيص في متعلّقه فهو إذن غير معلّق بل هو منجز دائما وأبدا.
الجهة السادسة من المبحث الثالث : والحديث فيها عن معذّرية القطع وعن الحدود التي يكون المكلّف فيها معذورا في تركه التكليف المولوي.
أقول : إنّ تنقيح هذا المطلب يرتبط أيضا بمدى سعة أو ضيق حق الطاعة للمولى ، فالاحتمالات الثبوتيّة في المقام ثلاثة :
الأوّل : أن موضوع حق الطاعة هو التكليف في لوح الواقع وليس لانكشاف ذلك بأيّ نحو من أنحائه دخالة في الموضوع بل الموضوع لحق الطاعة هو التكليف المولوي في نفس الأمر والواقع ، فكلّما كان هناك تكليف ـ ولو لم يصل بأيّ نحو من أنحاء الوصول ـ فالمكلّف مسؤول عن امتثاله. وبناء على هذا الاحتمال لا يكون القطع بعدم التكليف معذّرا فضلا عمّا إذا كان المكلف يظنّ بالتكليف أو يحتمله ، ومن هنا لو قطع المكلّف بعدم التكليف فتركه واتفق وجوده في الواقع فإنّ للمولى أن يعاقبه على