والبحث فيه يتمّ في جهتين :
الأولى : في بيان الفرق بين القطعين.
الثانية : في الثمرة المترتّبة على القطعين.
أمّا الجهة الأولى : في بيان الفرق بين القطعين : وقبل ذلك لا بدّ من تقديم مقدّمتين :
المقدّمة الأولى : في تحديد العلاقة بين الموضوع والحكم في مطلق القضايا المنطقيّة ، فنقول : درسنا في المنطق أن القضية تتكوّن من موضوع وحكم ، والحكم يأتي في مرتبة متأخّرة عن الموضوع ، فأوّلا يتنقّح الموضوع ثم يحمل عليه الحكم ولا يمكن أن يوجد الحكم مع كون الموضوع معدوما إذ الأحكام تابعة لموضوعاتها وجودا وعدما ، وبهذا يتّضح أن علاقة الحكم بالموضوع هي علاقة التابع بالمتبوع ، فالتابع هو الحكم والمتبوع هو الموضوع وهذا يعني أن الموضوع أشبه بالعلّة للحكم ، فكما أن العلّه تولّد المعلول فكذلك الموضوع يولّد الحكم ، نعم تفترق العلّة عن الموضوع أن العلة تفيض الوجود على المعلول وتخرجه من كتم العدم إلى حيّز الوجود ، والموضوع ليس كذلك دائما بل إنّه قد يكون كذلك وقد لا يكون ، إلاّ أنه دائما يكون موجودا قبل وجود الحكم ويساهم ـ إذا صحّ التعبير ـ في توليد الحكم.
وخلاصة الكلام : أن علاقة الحكم بالموضوع علاقة التابع للمتبوع ، وهذا معنى قولهم : إن الأحكام تابعة لموضوعاتها وجودا وعدما.
المقدّمة الثانية : في بيان وظيفة الأدلّة الإثباتية : إن الأدلّة الإثباتيّة