لو كان المولى جائعا وعطشانا ، فإنّ كلّ واحد من هذين الملاكين كاف في إلزام العبد بتحصيله ، ولمّا كان تحصيل الملاك الأول لا يفي بالملاك الثاني ولا الثاني يفي بالملاك الأول ؛ إذ أنّ الطعام لا يرفع الظمأ كما أنّ الماء لا يسدّ الجوع ، فإنّ المولى في هذه الحالة يلزم العبد بإلزامين ، الأول يفي بالملاك الأول والثاني يفي بالملاك الثاني ، فإذا كان المولى يعلم بعدم قدرة العبد على تحصيلهما معا فإنه يجعل كلّ واحد من الإلزامين مقيدا بعدم الالتزام بالآخر ، فيقول « اسقني ماء أو التمس لي طعاما » ، أي أنّك إن التزمت بالأوّل سقط الثاني عن الفعليّة وهكذا العكس.
الإشكال على التفسير الثاني :
وقد أورد على هذا التفسير بإيرادين :
الإيراد الأوّل : لمّا كان كل وجوب تستلزم مخالفته العقوبة فالمكلّف حينما لا يمتثل كلا شقي الوجوب التخييري يكون مستحقا لعقوبتين ؛ وذلك لأنّ الوجوب التخييري ـ بناء على هذا التفسير ـ ينحلّ إلى وجوبين مستقلّين ، وباعتبار أن فعليّة كلّ واحد منهما منوطة بعدم امتثال الآخر فحينما لا يمتثل كلا الوجوبين تكون فعليّة كلّ وجوب متحقّقة لتحقّق شرطها. وهذا الإشكال قد ذكرناه في حالات التزاحم بين الواجبين لو افترض عدم امتثال المكلّف لكلا الوجوبين المتزاحمين.
والجواب :
إنّ المنشأ في عدم إيجاب التكليفين بنحو مطلق ـ وأنّ أحدهما مقيّد بالآخر ـ هو عجز المكلّف عن الجمع بينهما ، وهذا يعني أنّ ترك أحدهما ضروري على أيّ حال ، وإذا كان كذلك فلا يصحّ أن ينسب تفويت كلا