الوجوب الغيري لمقدّمات الواجب
ذكرنا ـ فيما سبق ـ أنّ المقدّمات على نحوين فتارة تكون مقدّمات للحكم وأخرى تكون مقدّمات لمتعلّق الحكم.
والأولى : يعبّر عنها بمقدّمات الوجوب ، ولا إشكال في عدم وجوبها ؛ لأنّها أخذت مقدرة الوجود ، فإذا اتّفق تحقّقها خارجا أصبح الحكم فعليّا ، وهذا يقتضي وقوعها في رتبة العلّة للحكم ومن هنا يستحيل ترشح الوجوب من الحكم عليها. ومثال المقدّمات الوجوبيّة هو الاستطاعة بالنسبة لوجوب الحج والزوال بالنسبة لوجوب صلاة الظهر.
والثانية : يعبّر عنها بمقدّمات الواجب أو بالمقدّمات الوجوديّة ، إذ أنّ وجود الواجب متوقّف على تحقّقها.
وهي محلّ البحث في المقام حيث يبحث عن وجوب المقدّمات الوجوديّة شرعا بعد الفراغ عن لزوم تحصيلها عقلا ؛ وذلك لأنّ المتعلّق « الواجب » لمّا كان لازم التحصيل فإنّ كلّ ما يتوقّف تحصيل الواجب « المتعلّق » عليه يحكم العقل بلزوم تحصيله وإلاّ لو لم يحصّل المكلّف مقدمات الواجب لما كان متمكنا من تحصيل الواجب ؛ وذلك لافتراض أنّ الواجب منوط تحصيله بتوفير تلك المقدّمات ، ومثال ذلك السفر للحج بعد تحقّق فعليّة الوجوب للحج والوضوء للصلاة بعد افتراض تحقّق فعليّة